واقعية أيسلندا تنتصر

“كل الأمور ستكون على ما يرام” – مثل أيسلندي.

“من المؤكد أننا لن نذهب إلى اليورو وبحوزتنا أفضل لاعبي البطولة، ومن المؤكد أننا لن نستحوذ على الكرة كثيرًا. لذا علينا أن نعمل بإنضباط وتركيز وجد. علينا أن نعمل كل شئ بجد مُطلق. هذا من نقوله لأطفالنا، نقول لهم duglegur  وتعني العمل الجاد. أحسنت لأنك عملت بجد، حينها تبدأ تشعر بسهولة الحياة” – هيمير هالجريمسون، مدرب أيسلندا.

وصلت أيسلندا إلى يورو 2016 بعد فوزين هامين على منتخب هولندا ذهابا وإيابا، وقعت في مجموعة تضم البرتغال والنمسا والمجر، في مهمة بدت صعبة للعبور إلى ما بعد المجموعات في البطولة الأولى الكبرى في تاريخ الأيسلنديين، ولكن تعادلين مع المجر والبرتغال وهدف قاتل في مباراتهم مع النمسا، تعبر أيسلندا إلى دور الستة عشر لمواجهة إنجلترا والتي عبرتها أيضًا بهدفين مقابل هدف وحيد للأسود الثلاثة.

في بطولتهم الكبرى الأولى، أيسلندا الآن بين أفضل ثمانية منتخبات في القارة العجوز، أوروبا.

“نعم نعم نعم نعم نعم لقد فزنا بالمباراة، عبرنا إلى دور الستة عشر، لم أشعر أبدا بحالة جيدة كتلك، لم نخسر أبدا لاحظ ذلك، لم نخسر أبدا، إلى النمسا، شكرا على حضورك، شكرا على حضورك”

نص ما قاله المذيع الأيسلندي جودموندور بينديكتسون بعد هدف أيسلندا التاريخي في مرمى النمسا، هدف الفوز بالمباراة والتأهل إلى ما بعد المجموعات.

بعد تأهل أيسلندا إلى مواجهة إنجلترا، صرح لاعب تشيلسي وبرشلونة السابق، إيدور غوديونسون(37 عام)، والذي لم يشارك إلا لعدة دقائق في مباراة المجر في يورو2016، صرح بأن مواجهة إنجلترا ليست للتسلية وأن مواجهة الإنجليز لن تقتصر على تبادل القمصان بعد إنتهاء المباراة مع لاعبين أكثر شهرة.

eidur_gud-large_trans++qVzuuqpFlyLIwiB6NTmJwfSVWeZ_vEN7c6bHu2jJnT8

نحن واقعيون، نعرف أننا فريق لا يملك حظوظ كبيرة للفوز، ولكننا أبرزنا لماذا نحن هنا وكيف وصلنا إلى اليورو، وسنبذل قصارى جهدنا للبقاء في البطولة” –  غوديونسون، في تصريح له قبل مباراة إنجلترا والتي تؤكد على تصميم الأيسلنديين ومدى إلتزامهم بجدية العمل وأن كل شئ يجب أن يبقى على ما يرام.

من حافة العالم إلى الثمانية الكبار في يورو 2016

كيف يمكن لدولة لم تلعب على العشب الأخضر إلا في عام 1957 وقبلها بعدة أعوام أرسلت فريقا إلى لندن للعب خمس مباريات أمام فرق من الهواة وخسرت 4 منها وفازت بواحدة فقط أن تقفز أكثر من 90 مركز في تصنيف الفيفا، بعد أن كانت في المركز 131 في عام 2012، هي الآن تقع في المركز 34 حسب تصنيف الفيفا الحالي.

يبلغ عدد سكان أيسلندا 330 ألف فقط، 10% منها تبعت الفريق إلى فرنسا لمؤازرته، جزيرة على حافة العالم، برد قارص وبلا نهار لمدة قد تبلغ 8 أشهر من كل عام، على ملاعب لم تكن مؤهلة، صلبة، نتجت من بقايا البراكين على مر تاريخها، في تقرير “تيليجراف” يذكر أن الملعب الذي نشأ عليه مدرب الفريق الحالي هالجريمسون لم يكن مخططًا وبلا شبكات حتى.

يذكر التقرير أن أيسلندا إتجهت إلى بناء ملاعب كرة قدم مغطاة وبدرجات حرارة مناسبة لممارسة اللعبة تدريب الناشئين عليها.  تم بناء أول ملعب مغطى في 2000، منذ 16 عامًا فقط ليس إلا، نفس عام إنتقال غوديونسون إلى تشيلسي الإنجليزي. الخطوة التي أفادت الكرة الأيسلندية بالطبع، 4 لاعبين في قائمة أيسلندا من بينهم لاعب سوانزي سيتي الإنجليزي جيلفي سيجوردسون، خريجين من إحدى الأكاديميات تلك والتي نشأت في 2002 وتابعة لنادي بريدابليك.

indoor_pitch-large_trans++qVzuuqpFlyLIwiB6NTmJwfSVWeZ_vEN7c6bHu2jJnT8

في أيسلندا يوجد مدرب مؤهل لكل 500 شخص، بينما في إنجلترا يوجد مدرب مؤهل لكل 5000 شخص. يذكر لاجيرباك مدرب أيسلندا بالتعاون مع هالجريمسون أن نجاح المنتخب الأيسلندي مؤخرا يرجع الفضل فيه من الأساس إلى المدربين الأيسلنديين، وأكد أن الفريق الحالي نشأ على أيديهم على مدار ال 10-15 عام السابقة. أكثر 800 مدرب مؤهل ةحاصل على شهادات تدريبية من الإتحاد الأوروبي بين A و B و PRO.

تم تعيين لاجيرباك (مدرب نيجيريا السابق) إلى جانب هالجريمسون لتدريب الفريق في عام 2011، الثنائي يقودان مهمة تدريب أيسلندا، ومن بعدها بدأ العمل على تطوير الجهاز الفني للفريق بإضافة مساعدين ومحللين، الإتجاه إلى لاعبي الأكاديميات والإستعانة بهم، ما أضاف بعض اللاعبين المهمين تكتيكيا للفريق، من حيث إجادة الدفاع والإلتزام بالتعليمات. النظام الذي جعل الفريق يتكون الآن من قائمة لعبت سويا لعدة أعوام سابقة ومتتالية.

 يؤكد جودموندسون لاعب شارلتون الإنجليزي والمتتخب الأيسلندي، أنهم لا يمتلكون اللاعبين الأفضل على المستوى الفردي ولكنهم قد يمتلكوا الفريق الأفضل جماعية.

وهو ما أكد عليه هالجريمسون، أن الفريق لا يعتمد على فردية الأداء وإنما على الجدية، ولا مكان للكسل في الفريق.

“يعرف الناس أنه لا يوجد فساد في هذا الفريق. فريق نقي. وأيضًا لأننا لا نملك جيشًا، لم نذهب أبدًا إلى أية حرب. وبالتالي، فإن فرقنا الرياضية القومية هم جيش أيسلندا. نحن نحارب الدول الأخرى بهم.” – هالجريمسون مدرب الفريق

هكذا يُفكر المنتخب الأيسلندي، أنه وبكل واقعية، لا يوجد ما يخسروه، لأن الوصول إلى اليورو في الأصل هم النجاح الي لم يتحقق من قبل أبدًا، الآن هم ضمن الثمانية الكبار في أوروبا وبكل عادية وبلا أية توتر حين أتت مواجهة البرتغال أو النمسا أو إنجلترا التي كانت تُهزم من فريق الهواة فيها في زمن سابق.

مشاهدات مشجعين أيسلندا بعد كل مباراة والتناغم بينهم وبين اللاعبين، يؤكد على كل ذلك ، مزيج من العمل الجاد والشغف بين اللاعبين والمشجعين في فرنسا، أنتج لنا أيسلندا بصلابتها وواقعيتها وثقة المشجعين فيها.

أضف تعليق